تميم البرغوثي : إعدامbr br أمشي وذاكرتي كصفحات الجرائد نصفها صُوَرٌ ونصفٌ للعناوينِ التي تخفى وتظهر كل حينِ br أمشي بلا صوت كما تمشي المياه على المياه أو الهواء على الهواء أو الحنين على الحنينِbr وكأنَّني ما ليس يسمعُ من بقايا رنَّة الناقوس قبل سكوتهbr وكأنني نَعَسُ الرنين على نقوش نحاسه، br وكأنني نعس الرنينِbr أمشي الى كل الجهات كأنَّني الهذيانُbr هذيانُ هذا الكون جسمي والمعاني المتقناتُ خطوط همٍّ في جبينيbr أمشي وأقصدُ لا إلى جهةٍ أريدُ أنا الشريدُ وخطوتي العنوانُbr br يا ساحةً حطَّت بها آلافُ أسراب الحمام كأنَّها غيمٌ يزاحم نفسه فوق البلاطِbr تحاول الرزق الشحيح كفيلسوفٍ، غايةٌ في الانسجام والاكتفاء بذاتِهاbr أمشي بساحتها على مَهَلٍ فتنفر من أمام خطاي سرباً بعد سربٍ، والسماء قريبةٌ لِبَناتِهاbr لكنني أمسكت منها آخر الأطيار في السرب الأخيرِ، فشدَّني معه الى حيثُ ارتقت درجاتِها br br صُوَرُ الحمائم هذه حُلُمٌ أتاني بين أروقة السجون أُقادُ للإعدامِ والدركيُّ يكشفُ لي سبيلي، br خطوتي بين الحمائم خطوتي من خلفه، من خلف أكتاف الفخار العسكريِّbr وعن يميني والشِمال عنابرٌ موصودةٌ تلقي عليَّ الملح والأزهار من بَرَكاتِهاbr br أمشي وأروقة السجونْbr تحكي خراطيم المياه وبعضها مُتَداخِلٌ في بعضها ملآنةً، لا بالمياه وإنَّما بالليل أحلكَ ما يكونْbr وتصبُّه فوق المدائن كلَّ يومٍ سقيةً في سقيةٍ حتى نَمَت وتفرَّعَت وبنت سجونا غيرها، إنَّ السواقي من ثمار نباتهاbr br أمشي فتظهر، ثم تكبر، كلما اقتربت خطاي لكي أرى أبعادَها والسوس في أعوادِها، والبئر بين عمادها وعمادِهاbr وجديلة الحبل المدلَّى وسطها في عشر لفاتٍ حملن شبيهة الإجَّاص خاويةً لأملأهاbr تُرى في رسمة الأطفال خطاً ثم دائرةًbr كذلك دمعة الكحلاء فوق الخدِّ خطٌ ثم دائرةٌbr كذلك آخر الإمضاء خطٌّ ثم دائرةٌbr كذلك في المدارس دورة الأحياء خطٌ ثم دائرةٌbr كذلك سيرة التاريخ والأشياء خطٌ ثم دائرةٌbr ألا فلتعذرينا يا مشانق ليس في كل البرية غير معنى واحدٍ متعدد الأسماءْbr وأخذت أسوأهاbr br أمشي فتظهر ثم تكبر كلما اقتربت خطاي كمثل أعمدة الإضاءة في الشوارع مائلاتٍ إذ هى النور الوحيد بآخر السرداب br ولدهشتي أحببتها وطربت حين رأيتها طرباَ يُصبُّ عليَّ من أعلى لأدنى ثُم يملؤني ككوب الشاي من أدنى لأعلى مرة أخرى له رغواته المتكاثفات وكركرات الماء حين يُدارُ في خيط طويل من فم الإبريق للأكواب: br ولما بدالي طيف ليلى تجـــاوبت مآذن عشرٌ في ضلوعي أصــونُهاbr وأمسكت عيني أن تسيل أمــامها فلما رأت بلواي سالت عيــونُهاbr تصبرت عن ليلى وليلى قصيــةٌ فلما دنت خان القلوب حــنونُها br br هذا عبث!!br ماذا دهاك بحق ربك يا وَلَدْbr لم يبق إلا خطوتان لتفتحا أبواب ويلْbr وأراك إما هاذياً أو كاذباً وراغباً في أن تداري بعض نفسك من أحدْ br من عادة الإنسان في هذي المواقف أن يحس بأي شيء يشتهيه سوى الطربbr إذ ليس من حسن الأدبbr أن تُلبسوا أسد المنايا ذا الرؤوس الألفِ br حفاظات أطفال وقبعةً بذيلْ br لكنَّ هذا ما حدث!br br يا ساجني شكرا فقد أوصلتني br الحبل في عنقي ، قرأت شهادتي،br ألقى بي الجلاد في البئر التي تحتي وتحتكمُ جميعاًbr كلنا يمشي ببئر تحته مسدودةٍ لكن الى ميعادِهاbr قالوا الحياة رفيقة غدارة وأزيد لكن الردى خصم وفيّbr ألقى بي الجلاد في بئري فمتْ،br ألقى بي الجلاد فيّ.